hello world!

 

 

بعد أن تلقت عددا غير مسبوق من التعليقات المسيئة على تويتر، قررت منسقة الاتصال لشبكة ماري كولفن للصحفيات عبير قبطي أن تختبر Block Party، وهو تطبيق جديد يهدف للحد من التعرض للبلطجة الإلكترونية.

 

 

كالعديد من الصحفيات والناشطات الفلسطينيات، حظيَتْ منشوراتي على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا على تويتر، باهتمام كبير في الأشهر الأخيرة. فلقد كنت أكتب وأعلق على تطورات هامة، كأزمة الأسر الفلسطينية المهددة بالإخلاء القسري من بيوتها في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية من قبل شرطة الاحتلال، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والعنف ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل. ولكن بالنسبة لي كصحفية تعلق على الشؤون الفلسطينية بشكل شبه يومي، كان حجم التفاعل مع منشوراتي في ذلك الوقت غير مسبوق. كان كبيرا إلى درجة أنه لم يعد بإمكاني متابعة التعليقات والردود. فالأحداث في فلسطين آنذاك كانت غامرة وأردت أن أركّز على متابعة التطورات على الأرض.

كان حجم التفاعل مع منشوراتي في ذلك الوقت غير مسبوق. كان كبيرا إلى درجة أنه لم يعد بإمكاني متابعة التعليقات والردود

عندما تمكنت أخيرا من تفحص التعليقات أدركت أنني كنت أتلقى "تغريدات كراهية"، خاصة من حسابات مؤيدة لإسرائيل. حدث ذلك معي من قبل، وأنا في العادة لا أتفاعل مع هذه الحسابات وأتجاهلها. لكن وتيرة التعليقات هذه المرة كانت أكبر. ولذا عندما سمعت عن موقع Block Party، وهو عبارة عن أداة جديدة تساعد على الحد من التعرض للبلطجة الإلكترونية، شعرت أن هذا خيار جيد للتعامل مع التعليقات التي كنت أتلقاها في ذلك الوقت، ولأكون مستعدة لأي حملات تحرش وكراهية في المستقبل.

بحسب ما هو مذكور عل موقعهم، فلقد تم تطوير Block Party من قبل خبراء في التحرش الإلكتروني لمساعدة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي "على استخدام الإنترنت وفقا لشروطهم الشخصية ولكي لا يتعرضوا لأي محتوى ينضوي على التحرش والإساءة". ما يقوم به التطبيق، باختصار، هو السماح لك كمستخدمة بغربلة (أو فلترة) الرسائل المسيئة كي لا تتعرضي لها بشكل مستمر. وقبل أن أخوض في التفاصيل سأعطيكن استنتاجي وهو أن Block Party أداة ممتازة فعلا، فيما عدا ثلاثة عوامل: أولا، التطبيق ليس متوفرا بشكل تطبيق محمول حتى الآن، وإنما يمكن فقط استخدامه على الكمبيوتر (بما في ذلك رابط سهل الاستخدام على الهاتف المحمول)، لكن المؤسسين للموقع يقولون إنهم يسعون لتطوير تطبيق محمول في المستقبل. ثانيا، لا يمكن استخدامه إلا على موقع تويتر. وبالتالي إذا كنتِ تتلقين رسائل كراهية على فيسبوك أو أنستاجرام، فسيكون عليك الانتظار إلى أن توسع Block Party خدماتها إلى تلك المواقع. ثالثا، الموقع غير معرّب، وبالتالي عليكِ أن تتبعي الإجراءات باللغة الإنجليزية أو استخدام خدمات الترجمة الفورية المتوفرة على مواقع مثل جوجل وغيرها.

أنا أشعر بالارتباكٍ لدى استخدام الكثير من المنصات الرقمية، ولذا فإنني كثيرا ما أتردد حيال استخدام أداة رقمية جديدة. ولكن يجب القول أنني وجدت Block Party بسيطا وسهلا للغاية.

هناك ثلاثة خيارات للاشتراك. بالإمكان الانضمام إلى قائمة الانتظار وذلك عن طريق إرسال طلب للحصول على دعوة للانضمام من قبل Block Party. اتبعتُ هذه الطريقة ووصلتني الدعوة في غضون ساعات. الخيار الثاني هو تخطّي قائمة الانتظار بدفع ثمانية دولارات. وهذا يعني أن الموقع سيطلب منك بيانات بطاقتك الائتمانية، وقد لا يكون هذا مناسبا للكثيرين، خصوصا أولئك الذين يفضلون عدم التسوق على الإنترنت بسبب الأمن الإلكتروني. الخيار الثالث هو الحصول على دعوة من صديق/ة مسجّل/ة سلفا مع Block Party. وبما أنني أصبحت مستخدمة رسمية للموقع، فبإمكانكن أن تطلبن منّي أن أرسل لكنّ دعوة!

يتم حجب المتحرشين أو المتصيّدين المحتملين وإرسال تعليقاتهم إلى الملف الخاص (Lockout Folder)، وبالتالي لن تري ردودهم أو تعليقاتهم. وبإمكانِك الذهاب إلى ذلك الملف في وقت لاحق

يستخدم Block Party أسلوب التحقق الثنائي وهذا أمر هام جدا لحماية حسابك. بإمكانكِ أن تختاري ما بين استلام رسالة نصية على هاتفك المحمول أو عبر تطبيق للتحقق، وهو عبارة عن تطبيق منفصل ينتج رمزا رقميا لمرة واحدة للتأكيد على هويتك عندما تدخلين إلى حسابك. يمكنك هنا استخدام تطبيق Authy والذي يوصي الخبراء باستخدامه. وهناك تطبيق آخر وهو Duo من شركة سيسكو.

بعد أن تنشئي حسابا، يمكّنك Block Party من وضع ضوابط (filters) واختيار الحسابات التي ترغبين بحظرها. وبالتالي يتم محو التغريدات أو التعليقات الصادرة عن تلك الحسابات من صفحتك على تويتر ويتم تحويلها إلى ملف خاص (ما يسمى ب “Lockout” folder) والذي يمكنك فتحه فيما بعد.

لديك خيارين للضوابط: إما معتدل (moderate) أو صارم (strict). الخيار المعتدل يمكنّك مثلا من حجب الحسابات التي تبدو حديثة الإنشاء أو لديها أقل من مئة متابع أو لا تحتوي على صورة لصاحب الحساب، لأن حسابات كهذه غالبا ما تكون لمتحرشين أو متصيّدين. أما الخيار الصارم فيمكنك بموجبه أن تقرري أنك تريدين فقط التعامل مع حسابات معينة، كالحسابات التي تتابعك أو تتابعها، أو الحسابات التي تم التحقق منها (verified users)، أو الحسابات التي قمت بالرد عليها من قبل.

 

بعد أن تختاري الضوابط وتقومين بحفظها، يتم حجب المتحرشين أو المتصيّدين المحتملين وإرسال تعليقاتهم إلى الملف الخاص (Lockout Folder) بذلك، وبالتالي لن تري ردودهم أو تعليقاتهم. وبإمكانك الذهاب إلى ذلك الملف في وقت لاحق.

عندما تراجعين تلك الحسابات فيما بعد، قد يتبيّن أن Block Party قد حجب حسابات معروفة لك سلفا، أو حسابات لأشخاص تودين السماع منهم، وفي هذه الحالة يمكنك إزالة هذه الحسابات من قائمة الحظر. أما بالنسبة للمتحرشين أو المتصيّدين، فبالإمكان الإبقاء على أسمائهم في ذلك الملف أو حظرهم بشكل تام، وفي كلا الخيارين سيضع Block Party على حساباتهم إشارة بأنه تمت مراجعتهم سلفا (reviewed) لكي لا تضطرّي إلى مراجعتهم من جديد.

 

أسهل شيء هو استهداف الصحفية لأنها قالت شيئا لم يرق لأحدهم. وعندما يتعلق الأمر بصحفية أنثى لا يكون النقاش هو رأيها، بل تُهاجم لأخلاقها وأسلوب حياتها وجسدها وأسرتها

 

أحيانا، إذا لم تكوني متأكدة من حساب معين فبالإمكان وضعه على قائمة خاصة (Watchlist) في حال قام بالتفاعل معك من جديد. حتى لو كان الحساب على قائمة الانتظار فلا يزال بإمكانك حجبه مؤقتا بحيث يتم نقل ردوده وتعليقاته إلى الأرشيف والاحتفاظ بها حتى لو تم إيقاف أو حذف الحساب فيما بعد. هذه وسيلة جيدة للاحتفاظ بأي أدلة على حدوث تحرش في حال رغبت في التقدم بشكوى أو تقرير إلى موقع تويتر.

المهم في الأمر هو أن أصحاب الحسابات التي تقومين بحظرها أو إعادتها إلى القائمة العادية أو نقلها إلى قائمة الانتظار لن يعلموا بهذه التحركات. الشخص الوحيد الذي سيكون على علم هو أنتِ.

بالنسبة لي، قمت بحجب الحسابات المؤيدة لإسرائيل والتي هاجمتني، فمع أن عدد متابعيهم كان قليلا إلا أنهم نشروا تغريدات مسيئة ومليئة بالكراهية والعنصرية ضد الفلسطينيين. كان من الضروري بالنسبة لي أن أحظر بعضا من هذه الحسابات بشكل كامل، وأن أحجب البعض الآخر منها (mute) لأنني لا أريد أن يزعجوني أو يشتتوا تركيزي. وفي نفس الوقت، أضفتهم على قائمة الwatchlist لكي أحفظ التغريدات المسيئة لي كأدلة. ولكن كالعديد من الأدوات الرقمية الموجودة، فإن المعايير التي يتبعها Block Party أدت في بعض الأحيان إلى محو تفاعلات من حسابات صديقة كانت تسعى لزيادة صدى رسائلي، فقمت ببساطة بإزالتها من قائمة الحظر لأتمكن من التفاعل معها من جديد.

 

 

لا أتفقد حسابي على Block Party، والجيد في الأمر هو أنني حدّدت وتيرة رسائلهم لكي تصلني مرة كل أسبوع بدلا من مرة كل يوم كي لا تصلني رسائل كثيرة عن الحسابات التي يتم تفقدها.

كل صحفية ستحدد الضوابط المناسبة بحسب حجم المشكلة التي تواجهها. في الوقت الحالي، لا يتم تتبعي من قبل المتصيدين بشكل كبير، ولكن لا أحد يعرف ما سيحدث. تغريدة واحدة أو مقال واحد قد يثير حفيظة الناس فجأة ويتسبب بزوبعة من التغريدات المسيئة.

هذا الأمر كثيرا ما يحدث معنا، وبخاصة مع الصحفيات الإناث. أسهل شيء هو استهداف الصحفية لأنها قالت شيئا لم يرق لأحدهم. وعندما يتعلق الأمر بصحفية أنثى لا يكون النقاش هو رأيها، بل تُهاجم لأخلاقها وأسلوب حياتها وجسدها وأسرتها.. الخ. الكثيرات منّا خضن هذه التجربة ولا يزلن يتعاملن مع تبعاتها. علينا أن نبحث دوما عن سبل لحماية أنفسنا، والحصول على الدعم، واتخاذ خطوات لوقف التحرش أينما كان ذلك ممكنا.

 

إذا كنتِ تتعرضين لأي نوع من البلطجة الإلكترونية، بإمكانكِ زيارة مركز الاستجابة للعنف على الانترنت وهو مشروع للائتلاف لمناهضة العنف على الإنترنت.