hello world!

 

لقد حالفني الحظ، كصحفية ناشئة تعمل بشكل جزئي، وحصلت العام الماضي على فرصة للتدرب في مكتب صحيفة النيويورك تايمز في بيروت. في ذلك الوقت، كنت لا أزال في مرحلة الدراسة الجامعية، وأعمل كصحفية حرة أثناء العطل.

كدت أن أرفض فرصة التدرب هذه لأنني تلقيت عرضا للعمل كمساعدة إدارة التحرير في مؤسسة أخرى. كان الخيار صعبا بين وظيفة بأجر جيد في مؤسسة أصغر من النيويورك تايمز، وتدريب بأجر زهيد في هذه الصحيفة الريادية. كلا الوظيفتين تمنحاني الفرصة لتغطية أخبار الشرق الأوسط، وهذه فرصة نادرة لصحفية مبتدئة.

في بعض الأحيان كنت أكتب، وفي أحيان أخرى أساهم في إعداد التقارير، أو أعمل كمساعدة طواقم إعلامية أو باحثة أو أعمل على رصد الأخبار العاجلة أو بناء العلاقات. أحيانا كنت أعمل كثيرا، وأحيانا كنت أجلس خلف المكتب وأشعر أنه لا يمكنني تقديم أي مساهمة ذات قيمة.

“لا تكوني مجنونة"، قال لي بعض الزملاء، "إنها النيويورك تايمز!"، وهذا ما دفعني إلى اختيار التدرب. الآن وبعد انتهاء فترة التدريب، أصبحت لدي وجهة نظر حول التجربة، وأسرد سلبياتها وإيجابياتها هنا:

 

سلبيات

لقد كانت تجربة لا تقدر بثمن، ولكنها منوطة بثمن أيضا. ففي ذلك الوقت، كانت الجامعة تغطي رسومي الجامعية من خلال برنامج لمساعدة الخريجين، حيث كنت أعمل في الجامعة مقابل تغطية تكاليف الدراسة والحصول على منحة معيشية صغيرة. التدرّب مع الصحيفة كان يعنى أنني  سأتوقف عن العمل في الجامعة، وبالتالي كان عليّ تغطية تكاليف دراستي بنفسي، ولذا اضطررت إلى الدراسة بدوام جزئي للحد من التكاليف قدر الإمكان.

لن أنتقد ثقافة برامج التدرّب الصحفية هنا لأن هذا ليس هدف المقال، ولكني لن أكون صادقة إذا تجاهلت مسألة أنني كنت قادرة على اختيار فرصة التدرّب هذه لأن لدي القدرة على تحمل الأعباء المالية والتعليمية. هناك أشخاص كثيرون يحاولون بناء مهنتهم في الصحافة، لكنهم غير قادرين على تحمل الأعباء المالية المنوطة بمثل هذه التدريبات.

 

إيجابيات

هذه التجربة منحتني الفرصة للعمل مع أفضل الصحفيين العاملين بجد لتغطية قضايا الشرق الأوسط بشكل عام، والحرب في سوريا بشكل خاص. متابعة طريقتهم في العمل ساهمت في تشكيل طريقة عملي، خاصة لأنني لم أدرس الصحافة بل بدأت ممارستها بعد أن حوّلت مهنتي عندما كنت في السابعة والعشرين من العمر. لقد تابعت عمل كبار الصحفيين في النيويورك تايمز، وكنت أنتبه إلى أسلوبهم في الربط بين الأخبار الصغيرة، واستخراج القصص من الأمور العادية أو معالجتها من خلال زوايا جديدة. كان العمل في مكتب النيويورك تايمز ومناقشة الأفكار مع الصحفيين المتمرسين، بدلاً من العمل لوحدي كصحفية مستقلة، تجربة حيوية أضافت إلى عملي أبعادًا جديدة.

 

سلبيات (وإيجابيات أيضا)

هذه النقطة تحمل سلبيات وإيجابيات في آن واحد. فلم يكن لدي تعريف واضح لمهامي كمتدربة. كنت أعمل كمساعدة قسم الأخبار، وباحثة ومراسلة. كان علي أن أطوّع نفسي وفقا للظروف، وكثيرا ما كان عليّ أن أخمّن ماهية المساعدة التي يحتاجونها منّي. في بعض الأحيان كنت أكتب، وفي أحيان أخرى أساهم في إعداد التقارير، أو أعمل كمساعدة طواقم إعلامية أو باحثة أو أعمل على رصد الأخبار العاجلة أو بناء العلاقات. أحيانا كنت أعمل كثيرا، وأحيانا كنت أجلس خلف المكتب وأشعر أنه لا يمكنني تقديم أي مساهمة ذات قيمة. لقد كان دوري مرنََا وغير منظم، وهذا سبّب إرباكا. لكنه من الناحية الأخرى أكسبني أيضا خبرة في جميع المجالات التي عدّدتها سابقا.

يا إلهي! يجب علي أن أخبركن كم كان رائعا الحصول على إنترنت سريع في بيروت أو إمكانية الاتصال من خط عادي أو أن يتم تغطية تكاليف المواصلات أو الردود السريعة التي كنت أحصل عليها من المصادر. فمجرد التفوه جملة: "مرحبا، أنا صحفية أعمل مع صحيفة النيويورك تايمز، وأرغب في الحديث معك حول…" كانت تنتج تجاوبا بسرعة مذهلة..

في إحدى المرات، كنت أعمل بجد والتزام على قصة حول العنصرية ضد اللاجئين. لكن القصة ضاعت وسط كومة من مقالات كانت تحتاج إلى المعالجة الفورية. ثم قامت صحيفة أخرى فيما بعد بنشر القصة ذاتها وأضعنا بالتالي فرصة النشر. في موقف كهذا ربما كان يجب عليّ الأخذ بزمام المبادرة وإكمال القصة، بدلا من انتظار الضوء الأخضر أو توضيح بخصوص مهامي.

 

إيجابيات

الموارد  المتاحة في مكتب كهذا. يا إلهي! يجب علي أن أخبركن كم كان رائعا الحصول على إنترنت سريع في بيروت أو إمكانية الاتصال من خط عادي أو أن يتم تغطية تكاليف المواصلات أو الردود السريعة التي كنت أحصل عليها من المصادر. فمجرد قول: "مرحبا، أنا صحفية أعمل مع صحيفة النيويورك تايمز، وأرغب في الحديث معك حول…" كان ينتج تجاوبا بسرعة مذهلة.

 

سلبيات (وإيجابيات أيضا)

الجميع مشغول، ولديهم مهام كثيرة، ومن الطبيعي جدا أن يكون مكتبا صغيرا يعالج قضايا الشرق الأوسط، مشغولا بشكل جنوني. ومع أن التوجيه والإرشاد والملاحظات على عملي كانت متاحة، إلا أنه كان عليّ المبادرة للحصول عليها. كانت الملاحظات حولي عملي دائما بناءة، وأحيانا صريحة إلى حد القسوة.

إذا، هل كانت تجربتي التدريبية مع النيويورك تايمز أفضل من وظيفة بدوام كامل مع راتب جيد في وسيلة إعلام أصغر؟ لا أعرف. لكني بالمجمل سعيدة أنني اخترت التدرب: فلقد لاحظت تطورا كبيرا في جودة عملي الصحفي، وسيتردد صدى الملاحظات التي تلقيتها حول عملي على مدى مسيرتي المهنية.

 

نصائح ندى حمصي للحصول على فرص تدرب جيدة، وكيفية الاستفادة القصوى منها

  • لا تقللي من شأن قوة شبكة علاقاتك، سواء كانت اجتماعية، مهنية أو مورد حقيقي مثل شبكة ماري كولفن للصحفيات.

  • إذا كنت مثلي، لم تدرسي الصحافة، وبدأتِ بممارستها في مرحلة متأخرة من حياتك، فقد تعانين في بعض الأحيان من ما أسميه ب"متلازمة الدجل". لا تظني ذلك في نفسك لأن فيه إضاعة للوقت. واصلي العمل حتى تأتي الفرصة. وعندما تأتيك فرصة ثمينة، لا تجعلي هذه المتلازمة تقف في طريقك.

  • المهارات اللغوية مفيدة جدا في منطقتنا. وإذا كانت لغتك الأم هي العربية، وكنت ترغبين بتوسيع سلّة فرصك، سواء كمساعدة أخبار أو مراسلة، فإنني أنصحك بالعمل على تحسين لغتك الإنكليزية أو الفرنسية.

  • كوني مستعدة للتعرّف على نقاط ضعفك والعمل على تحسينها. تقبلي الملاحظات من صحفيين متمرسين وإذا لم تتوفر ابحثي عنها واطلبيها.

  • خذي زمام المبادرة. اطلبي القيام بمهام أكثر، أو ببساطة قومي بها. كل من حولك سيقدّرون ذلك.