hello world!

 

زينب صالح صحفية سودانية مستقلة وعضو في شبكة ماري كولفن للصحفيات. تكتب لصحيفة الجارديان ومؤسسات إعلامية أخرى، وقد خضعت مؤخرا لدورة في السلامة الميدانية، وهي دورة متخصصة للصحفيين والعاملين في مناطق النزاعات.

في مارس آذار عام ٢٠٠٨، تم اختطافي مع عدد من الزملاء الصحفيين في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان و دولة جنوب السودان، وذلك من قبل مليشيا مسلحة مدعومة من الحكومة السودانية في الخرطوم. كنا قد ذهبنا إلى تلك المنطقة لكتابة تقارير عن النزاع على ملكية الأرض بين قبيلتي الدينكا نقوك المدعومة من الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي أصبحت لاحقا القوة الحاكمة لدولة جنوب السوان، وقبيلة المسيرية العربية المدعومة من الحكومة السودانية في الخرطوم. ولقد كنا محظوظين جدا إذ تم إطلاق سراحنا بعد ساعات في نفس اليوم.

يجب أن يضع الصحفي يديه على عجلة القيادة ليرى الجنود أنه غير مسلح. إذا كنا مجموعة في السيارة فعلينا أن نعدّ أعضاء الفريق قبل مغادرة الحاجز لنتأكد أنه لم يتم اختطاف أحد

كان عمري الصحفي آنذاك ١١ شهرا فقط، وكانت تلك أولى رحلاتي الصحفية خارج الخرطوم وإلى مناطق النزاع. لم أكن قد تلقيت أي تدريب في السلامة الميدانية أو كيفية التعامل في تلك المناطق الخطرة. كنا نرتدى ملابس إفرنجية (بالنسبة للسكان المحليين)، أعتقد أننا بدونا ككائنات فضائية لسكان تلك المنطقة النائية.

لكن الدورة التدريبية المكثفة التي تلقيتها في مقاطعة هامبشير بالمملكة المتحدة مدتني بالكثير من المعلومات التي ستعينني في رحلاتي الصحفية القادمة، إما في السودان أو إلى الدول المجاورة التي تشهد نزاعات مسلحة وأوضاع غير مستقرة.

كانت الدورة التي استمرت لأربعة أيام بدعم من مؤسسة روري بيك ترست في لندن. وقد تم إجراؤها في الريف الإنجليزي وبإشراف خبراء متقاعدين من القوات الخاصة البريطانية والشرطة البريطانية. كان هناك عشرة مشاركين في الدورة، من بينهم ثلاثة نساء. بعضنا صحفيون والبعض الآخر يعمل مع منظمات حكومية أو غير حكومية في مناطق النزاع في إفريقيا والشرق الاوسط.

ركزت الدورة بشكل كبير على الإسعاف الأولي، وأجرينا بعض التدريبات الصعبة في الخارج، بغض النظر عما إذا كان الجو ممطرا أم باردا. تعلمنا كيفية التعامل مع الجرحى في حوادث المرور والمصابين بالأعيرة النارية وكيفية التأكد من أن فاقدي الوعي يتنفسون بالشكل الصحيح إلى وصول سيارات الإسعاف.

نقاط التفتيش

تطرقنا في الدورة أيضا إلى كيفية التعامل عند نقاط التفتيش. من أهم النصائح مثلا أن يرفع الصحفي يديه أو يضعهما على عجلة القيادة ليرى الجنود أنه غير مسلح. إذا كنا مجموعة من الصحفيين في السيارة فعلينا أن نقوم بعد أعضاء الفريق قبل مغادرة الحاجز لنتأكد أنه لم يتم اختطاف أحدنا أو احتجازه دون معرفة الباقين. إذا همّ الجنود أو الميليشيات بإخراجنا من السيارة فيجب علينا ألّا نترك النساء لوحدهن لأن ذلك قد يجعلهن عرضة للاعتداء. وقد ذكرنا المدربون أيضا بأن الجنود الذين يقفون على نقاط التفتيش لديهم متسع من الوقت وقد يعمدون إلى إضاعة وقت الصحفي لأتفه الأسباب، لذا علينا أن نتحلى بالصبر وألّا نسمح لهم باستفزازنا، والتأكد من جلب كافة الوثائق الضرورية للسفر (من جوازات سفر وأذونات) لكي لا نعطهم ذريعة للمماطلة أكثر.

من الأفضل أن تتركي أظافرك طويلة إذا كنت في منطقة نزاع لأن الأظافر الطويلة قد تكون سلاحك الوحيد إذا تعرضتِ لمحاولة اغتصاب.

عندما عدنا من التدريب العملي في الميدان إلى قاعة المحاضرة، دار نقاش أخلاقي مطوّل حول موضوع دفع الرشاوى على نقاط التفتيش. انقسم المشاركون إلى قسمين: أغلب الصحفيين قالوا إنهم مستعدون لدفع رشوة إذا مكنهم ذلك من العبور، خاصة في الأخبار المستعجلة، إذ أن عامل الزمن حساس جدا بالنسبة للصحفي، لكن العاملين في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية قالوا إنهم لا يدفعون الرشاوى لأن هذه مسألة مبدأ.

الاغتصاب أو التحرش

الأمر السلبي الوحيد في الدورة هو أنها لم تقدم تدريبا حول كيفية الدفاع عن النفس في حال التعرض إلى تحرش جنسي أو اغتصاب. ولكنني حصلت على بعض النصائح فيما بعد، ومن أهمها أن أقرر أولا ما هي الملابس التي سأرتديها في الميدان، والتي قد تثني المعتدي عن استهدافي في المقام الأول لأن إزالتها صعبة. إذا كان السروال أو البنطال ضيقا، مثلا، فإنه قد يبدو مثيرا ولكن إزالته أصعب كثير من إزالة تنورة فضفاضة ومحتشمة. يمكن، مثلا ارتداء بنطال ضيق وقميص فضفاض يغطي جزءا من الساقين، وبذلك يكون الرداء محتشما وصعب الإزالة في نفس الوقت.

من الأفضل أيضا أن تتركي أظافرك طويلة إذا كنت في مهمة في منطقة نزاع لأن الأظافر الطويلة قد تكون سلاحك الوحيد إذا تعرضتِ لمحاولة اغتصاب. بإمكانك مثلا حشر أظافرك في عيني المعتدي بدلا من محاولة ضربه في عضوه التناسلي، فأنت بذلك قد تفقدينه حاسة البصر، وهذا الأمر وحده كفيل بشلّه تماما وإعطاءك الفرصة للهرب.

وبما أن حياتك على المحك في هكذا حالات فبإمكانك أيضا أن تتقيئي أو حتى أن تتبولي على نفسك لأن ذلك قد يشعره بالاشمئزاز ويدفعه لوقف الاعتداء. وإذا صرخت أيضا بأعلى صوتك في أذنه فإن ذلك قد يفقده التوازن أيضا، فضلا عن أنه قد يجلب انتباه الآخرين لإنقاذك.

ما لا شك فيه هو أن هذه الدورة مدتني بالكثير من الأمور التي لا بد للصحفي أن يأخذها بعين الاعتبار. هي أمور مهمة لي سواء في السودان أو عند سفري للعمل في دول مجاورة.

إذا كنتن بحاجة لمزيد من المعلومات حول السلامة الميدانية، راجعن المصادر المتوفرة من مؤسسة سمير قصير، مؤسسة روري بيك، لجنة حماية الصحفيين، وغيرها من الروابط المتوفرة في مكتبة المصادر.

الصورة : زينب صالح في التدريب على الإسعافات الأولية الميدانية