hello world!

 

بالنسبة لمراسلة وكالة الأنباء الفرنسية سارة حسين، فإن الوقت يمثل التحدي الأكبر  في تغطية قضايا الإرهاب والنزاعات، إذ أن العمل في مواعيد زمنية ضيقة أحيانا يعني أحيانا غير قادرة على إعطاء القصة حقها من التغطية.

تقول سارة حسين، وهي أيضا مرشدة في شبكة ماري كولفن للصحفيات: "في كثير من الحالات كنت أتمنى ان أمضي وقتا أطول على المقالة، لولا القيود المتعلقة بالوقت والكلمات". وتذكر سارة تغطيتها للمعارك في غرب الموصل كمثال على ذلك. "رأيت قوات الأمن العراقية تقوم بعمليات تفتيش جماعية للرجال الذين خرجوا من المدينة، في محاولة للكشف عما إذا كان بينهم متعاطفون مع الدولة الإسلامية أو أعضاء في التنظيم. تمكنت من البقاء ومشاهدة الجزء الأول من التفتيش. لكنني كنت أتمنى الحصول على مهلة أطول لمتابعة العملية، لأرى إلي أين يتم أخذ الرجال، وكيف تتم معاملتهم، وماهية العملية القضائية التي يخضعون لها".

تقول مي شمس الدين، وهي صحفية مستقلة مقيمة في القاهرة، إن قصص الإرهاب هي الأصعب في التغطية الصحفية. "الوقت المتاح لتغطية الخبر قصير، والحصول على المعلومات صعب للغاية. الناس خائفون جدا من الكلام ويشككون في وسائل الإعلام، والحكومة مترددة في تقديم المعلومات".

"في عام ٢٠١٥ كانت الحكومة تناقش مشروع قانون مكافحة الإرهاب، والذي يجرم الصحفيين إذا كتبوا "تقارير كاذبة" عن الهجمات الإرهابية. ومع أنه تم تخفيض العقوبة من الحبس إلى غرامة، إلا أنها غرامة كبيرة تصل إلى مليون جنيه، وهذا بالطبع يؤثرعلى قدرة الصحفيين في تغطية الهجمات".

وتضيف  "المصادر الرسمية لا تعلق علنا كما رأينا في الهجوم الذي وقع في الصحراء الغربية في أكتوبر تشرين الأول ٢٠١٧ ، والذي أسفر عن مقتل ٥٢ شرطيا. حاولت الحكومة إخفاء عدد الضحايا لعدة أيام، واتهمت هيئة الإذاعة البريطانية ورويترز ب "التغطية غير الدقيقة" لاعتمادها "مصادر مجهولة". هذا النقص في المعلومات، مع الرد الفعل الحكومي العنيف، يجعل التغطية صعبة للغاية".

وبما أن الهجمات الإرهابية والنزاعات المسلحة باتت تتصدر عناوين الأخبار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ناهيك عن بقية العالم، فإن تغطية وسائل الإعلام لتلك القصص أصبحت موضوعا للنقاش أيضا. تغطية الحدث الإرهابي ووضعه في السياق الصحيح، والعثور على وسيلة لسرد الخبر دون إعطاء الإرهابيين منصة حرة كلها باتت أسئلة ملحة، ولن تعالجها جميع وسائل الإعلام بنفس الطريقة.

"الوقت المتاح لتغطية الخبر قصير، والحصول على المعلومات صعب للغاية. الناس خائفون جدا من الكلام ويشككون في وسائل الإعلام، والحكومة مترددة في تقديم المعلومات".

على سبيل المثال، بعد الهجوم الذي وقع في يوليو تموز ٢٠١٦ على كنيسة في بلدة روان الفرنسية، حيث قتل قس يبلغ من العمر ٨٤ عاما، أعلنت بعض وسائل الإعلام الفرنسية أنها لن تنشر صور مرتكبي عمليات القتل الإرهابية كي لا تمنحهم "تمجيدا بعد وفاتهم". وفي مقالة نشرت بعد الهجوم، قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن على جميع عناصر المجتمع أن تؤدي دورا في مناهضة الإرهاب، وأن لوسائل الإعلام  دور خاص في ذلك.

وترى سارة حسين أنه نتيجة لهذا الوعي أصبح هناك تحول في الطريقة التي تغطي بها وسائل الإعلام هذه الهجمات. "أعتقد أن وسائل الإعلام الرئيسية باتت أكثر حذرا الآن، كما أنها تكرس وقتا أطول للتأكد من صحة الخبر، وهو ما ينبغي أن تكون عليه الأمور".

"بالنسبة للأمور التي يجب تجنبها، يجب أن نكون حذرين للغاية في التعامل مع الادعاءات بالوقوف وراء الهجوم. فلا حاجة الى الاسترسال في نقل تصريحات الجماعات المتطرفة والانخراط في الترهيب أو التمجيد".

وتعتقد مي أن هناك قصورا في أسلوب تغطية الإعلام الأجنبي للهجمات الإرهابية. "لا توجد هناك تغطية كافية لتبعات الحدث في وسائل الإعلام الأجنبية، فهي غالبا ما ترفض هذه القصص لأنها تعتبرها أخبارا محلية. لكنني أعتقد أن هذه القصص في كثير من الأحيان أكثر أهمية من الهجمات نفسها. هناك أيضا تطورات مستمرة في بلدان مثل مصر، حيث تبرز مجموعات جديدة باستمرار، لكن وسائل الإعلام الأجنبية تتجاهل ذلك".

وقد أظهرت دراسة نشرت عام ٢٠١٥ إلى وجود صلة بين مدى اهتمام وسائل الإعلام بهجوم إرهابي ما و "مدى احتمال وقوع هجوم آخر في البلد المتضرر في غضون سبعة أيام، وانخفاض الفاصل الزمني حتى وقوع الهجوم التالي".

وقد استندت الدراسة، التي كانت بعنوان "تهويل الأمور: آثار اهتمام وسائل الإعلام  بالإرهاب"، إلى تغطية صحيفة النيويورك تايمز لأكثر من ٦٠٠٠٠ هجوم إرهابي بين عامي ١٩٧٠-٢٠١٢ . ويشير أستاذ الاقتصاد مايكل جيتر من جامعة غرب أستراليا في بيرث إلى أن "العالم شهد خلال السنوات الخمس عشرة الماضية زيادة مرعبة في عدد الهجمات الإرهابية". وقد سجلت قاعدة بيانات الإرهاب العالمية وقوع ١٣٩٥ هجوم في عام ١٩٩٨. وقد ارتفع هذ الرقم بشكل مطرد ليصل إلى ٨٤٤١ هجوم عام ٢٠١٢.

 

وتحذرمراسلة وكالة الأنباء الفرنسية سارة حسين من التسرع في وصف الحادث بأنه "هجوم إرهابي" قبل أن يتم جمع معلومات كافية. "يمكن تجنب ذلك بالتريث وإجراء المزيد من التحقيق. يجب على الصحفيين أن يتوخوا الحذر إذا لم تكن مصادر المعلومات مؤكدة".

 

نصائح سارة حسين حول تغطية الهجمات الإرهابية والنزاعات المسلحة

 

- التركيز على المعلومات المهمة فقط. "المعلومات التي يجب التركيز عليها في تغطية الهجوم تتبع بشكل عام نفس المعايير في أي خبر إخباري: (من، ماذا، أين، كيف ولماذا) ".

 

- تأكيد المعلومات من المصادر الصحيحة. " قد يكون من الصعب في خضم الفوضى بعد وقوع هجوم التأكد بسرعة وبدقة من بعض المعلومات [أو الشائعات]. ولكن تأكدي أن مصادر المعلومات لديك صحيحة. هذا أمر هام خصوصا فيما يتعلق بعدد الضحايا وأسلوب الهجوم.

 

- توخي الحذر عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. "قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي نعمة أو نقمة في هذه الحالات. فهي بمثابة إنذار مبكر ومفيد، ولكن يجب بعد ذلك التحقق من مصادر المعلومة مرتين والاستناد إلى مصادر موثوقة".

 

نصائح مي شمس الدين لتغطية الإرهاب والنزاعات المسلحة

 

-اعتني بنفسك أولا. "يعتقد الصحفيون الشباب دائما أن عليهم أن يكونوا أول من يصل  إلى موقع الحادث لكي يصبح اسمهم مشهورا. وقد يخاطرون أحيانا بأسلوب أحمق. ولكن لا يوجد هناك موضوع يستحق المساومة بسلامتك الشخصية. ليس هناك عار في الهروب لأن حياتك أكثر أهمية من أي قصة".

 

-عندما يصعب الحصول على المعلومة، ابحثي عن بدائل: "الوصول إلى الإرهابيين أنفسهم أمر صعب، ولكن يمكنك التحدث إلى أناس مقربين منهم. يمكنك مثلا التواصل مع شركاء سابقين لمنظمة معينة أو تحليل وسائل الإعلام والخطابات الخاصة بهم".

 

- العثورعلى زاوية مختلفة: "أجد أنه من المهم مراجعة الهجمات القديمة، والتحدث مع الناجين وأسر الضحايا. هناك زوايا عدة لا يتم التطرق إليها، وغالبا ما يتم تجاهلها على الرغم من أنها قد تنتج مواضيع شيقه".

 

الصورة: وكالة الأسوشييتد بريس/ بلال حسين