hello world!

 

في عام 2015 أجريت لقاء مع فتاة سورية اسمها حنيفة. كانت في الرابعة عشرة من العمر، وقد لجأت مع أسرتها إلى بلدة عرسال اللبنانية. لم تكن الأسرة قادرة على دفع إيجار الشقة التي كانت تسكن بها. لذا عرض عليهم صاحب الشقة أن يتزوج بحنيفة بدلا من الإيجار.

لم أصدق نفسي وأنا أستمع لهذه الفتاة، كان عمرها ١٤ عاما ولكنها تتحدث كأنها في الأربعين من العمر، وقد قررت أنها مستعدة للزواج بذلك الرجل لكي تنقذ أسرتها. كان في منتصف الأربعينيات وكانت حنيفة تدرك جيدا أن زواجها به يعني القضاء على مستقبلها. ولكن لم يكن لديها خيار آخر، فوالدها كان مريضا وشقيقها لم يكن قادرا على العمل. كان من الصعب عليّ أن أستمع لتلك الفتاة وهي تقاوم دموعها. أرتنا أيضا صورا لابن عمها الذي كانت تحبه. كان قد لقي حتفه خلال القتال بسوريا، أي أنها فقدت من تحب ومضطرة للزواج من رجل غريب لتحافظ على مأوى لأهلها.

لقد تقبلت أنه ليس بإمكاني مساعدة الجميع. مسؤوليتي هي أن أنقل معاناتهم

بعد أن تم بث المقابلة، تلقينا رسالة عديدة من مشاهدين أرادوا أن يرسلوا أموالا إلى أسرة حنيفة حتى تتمكن من دفع الإيجار وكي لا تضطر للزواج من صاحب الشقة. لم يكن بإمكاني التدخل كصحفية، لذا قمت بتحويل هذه الرسائل إلى مكتب الأمم المتحدة في بيروت. في النهاية تمكنت الأمم المتحدة من جمع التبرعات الكافية لنقل الأسرة إلى شقة أخرى حتى لا تضطر حنيفة إلى الزواج.

لقد أثرت فيّ هذه المقابلة لأن أسلوب حنيفة في التعامل مع الموقف كان مذهلا، ولأن التقرير أثار ضجة وأحدث تغييرا في النهاية. أعلم أن ما سأقول قد يبدو غير حساس، ولكن مهمة الصحفي ليست إنقاذ الأرواح. لقد تقبلت أنه ليس بإمكاني مساعدة الجميع. مسؤوليتي هي أن أنقل معاناتهم.

أدرك أيضا أن بعض الناس يختلقون حكايات غير صحيحة، وقد التقيت بالعديد منهم عندما كنت أجري لقاءات مع لاجئين في اليونان. قد يتظاهر أحدهم مثلا بأنه لاجيء عراقي مع أن لهجته مغربية، ويتظاهر بأنه سوري مع أن لهجته لبنانية، وعندما أواجههم بذلك يُفاجئون لأن لهجاتهم واضحة. أفهم أن أولئك الناس يعيشون حياة قاسية أيضا ولكن عندما يدرك الصحفي أن الشخص يكذب، يجب عليه أن يوقف اللقاء وأن يرحل.

 

الصورة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين