hello world!

 

أبو بكر البيزنطي هو صحفي ليبي. اختطف من قبل مجموعة مجهولة الهوية في شهر أغسطس آب عام ٢٠١٦، وتم تعذيبه ٤٨ ساعة. وبعدها أطلق سراحه وألقي على طريق المطار. يعيش أبو بكر الآن في تونس ويخطط لتقديم طلب لجوء إلى أوروبا.

"كنت أكتب كثيرا عن الوضع الأمني المتردي في طرابلس: عن انتشار الميليشيات المسلحة وانعدام الأمن وابتزاز الناس بالأموال والاختطاف. ولكن الخاطفين قالوا إن السبب هو مقالاتي ومنشوراتي على فيسبوك، والتي تحدثت فيها عن يهود ليبيا الذين أجبروا على مغادرة البلاد في ستينيات القرن الماضي. كتبت عن هذا الموضوع كثيرا وكنت أدافع عن حقهم بالعودة إلى ليبيا.

تعرضت للانتقاد كثيرا، وكانت تصلني تهديد. أحيانا عندما أكون جالسا في مقهى مع أصدقاء، يظهر أشخاص لا أعرفهم جيدا ويهمّون بانتقادي. ومع ذلك لم أتخيل أبدا أنه سيتم اختطافي بسبب هذه المقالات.

إذا كان الصحفي مصرّا على القيام بعمله (في الأماكن الخطرة) ، فمن الأفضل أن لا ينشر باسمه الحقيقي وإنما باسم مستعار، ومن الأفضل أن يخفي صورته.

في ذلك اليوم من شهر أغسطس آب، كنت في جولة ميدانية مع المصور والسائق، كنا نستطلع آراء الشباب عن دورهم في ليبيا اليوم. توقفنا في مكان مكتظ وفجأة حاصرتنا سيارة. كانت بدون لائحة أرقام وكان زجاجها معتما. خرج منها ٣ أو ٤ مسلحين ملثمين وصوبوا بنادقهم نحو السائق وسألوا عني بالاسم، فقدمت نفسي وأخذوني فورا.

كان السوق مكتظا وشاهد الناس ما جرى. أخذ الخاطفون هاتفي الخلوي فورا فلم أتمكن من الاتصال والاستنجاد بأحد.

احتجزوني ٤٨ ساعة في مكان مجهول، وإلى هذا اليوم لم تعلن أي جهة رسميا مسؤوليتها عن اختطافي. لم أرى سوى الرجال الذين أخذوني عنوة وكانت وجوههم مغطاة طيلة الوقت. ضربوني وعذبوني وهددوني بالقتل، وقالوا إن السبب هو مقالاتي عن اليهود. ثم ألقوا بي على الطريق وقالوا إنهم سيقطعون رأسي إذا عدت للكتابة عن هذا الموضوع.

اضطررت إلى مغادرة ليبيا وأنا الآن أعيش في تونس. في أكتوبر تشرين الأول ٢٠١٦، وصلتني رسالة من جهة مجهولة مفادها أنهم يعلمون عن مكاني ويهددون بتعقب أثري وقتلي، أو قتلي إذا عدت إلى ليبيا.

منذ ذلك الوقت توقفت عن الكتابة وباتت فرص العمل قليلة. أحيانا أساعد الزملاء الصحفيين إذا كانوا بحاجة إلى اتصالات أو أسماء في ليبيا. أصبحت أفكر بالهجرة إلى أوروبا، فلدي صديق في بلجيكا وقد أعيش معه لفترة من الوقت،  وإن كانت أسرتي لا تزال في ليبيا.

تلقيت الدعم جهات عديدة كمنظمة مراسلون بلا حدود والكاريتاس والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، وقد ساعدوني كثيرا.

لا أعرف إذا كان بإمكاني القيام بأي شيء لتفادي ما حدث ذلك اليوم، فلم أتلق أي تدريب في السلامة الالكترونية ولم أكن أعرف كيف أحمي اتصالاتي. مع أنه كان واضحا أن المختطفين كانوا يتعقبون سيارتنا ذلك اليوم، إلا أنهم لم يتعرفوا علي شخصيا بدليل أنهم كانوا يسألون السائق عني. ربما كان على السائق أن يكون أكثر حذرا وأن ينتبه إلى أن السيارة كانت تتبعنا.

ما سأقوله الآن قد يتنافى مع طبيعة دورة الصحفي، لكن نصيحتي الصادقة للصحفيين في ليبيا هي أن يتجنبوا كتابة ما يثير حفيظة وغضب القبائل والأحزاب السياسية في ليبيا. فالوضع الأمني في ليبيا بات سيئا للغاية ولقد تعرض الكثير من الصحفيين للاختطاف خاصة ما بين عامي ٢٠١٥-٢٠١٦.

وإذا كان الصحفي مصرّا على القيام بعمله، فمن الأفضل أن لا ينشر باسمه الحقيقي وإنما باسم مستعار، ومن الأفضل أن يخفي صورته.

ومع كل ذلك، أنا لست نادما أبدا على ما فعلته.