hello world!

 

تقديم الأفكار والمقترحات إلى وسائل الإعلام قد يكون صعبا. حتى أكثر الصحفيين خبرة تُرفض لهم مقترحات أحيانا. وكثيرا ما يضطر الصحفيون إلى عرض الفكرة الواحدة على عدة وسائل إعلام، الواحدة تلو الأخرى، إلى أن تتم الموافقة عليها أخيرا.

كصحفية ذات خبرة، فإنك تعرفين كيف تختارين القصص الهامة والجيدة. ولكن من الضروري أيضا معرفة كيفية تقديم هذه القصص بشكل مقترحات، وتحديد وسائل الإعلام التي يمكن تقديم هذه المقترحات إليها.

البحث في وسائل الإعلام

تتضمن المواقع الإلكترونية لبعض وسائل الإعلام قسما خاصا للتعليمات المتعلقة بالأفكار المقدمة من قبل الصحفيين المستقلين، والتي تحدد نوعية الأفكار والتقارير التي تهمهم. ولكن حتى إذا لم تكن هذه التعليمات مذكورة، فمن الأجدر أن تخصصي وقتا لدراسة المحتوى التحريري لتلك المواقع، وقراءة المقالات المنشورة، خاصة المقالات المتعلقة ببلدك أو منطقتك، حتى تتكون لديك فكرة عن طبيعة المواضيع التي يريدونها.

موقع حبر، مثلا، مع أنه أردني بالدرجة الأولى، إلا أنه ينشر مقالات تهم شريحة أوسع من القراء العرب، كالمقابلة التي أجريت مع فريق سيتيزن لاب عن أنظمة التجسس التي تستهدف النشطاء والصحفيين، أو هذا المقال عن مشروع مرئي لشرح حالة قمع الحريات في مصر.

بعض وسائل الإعلام لديها تعليمات واضحة فيما يتعلق بتقديم الأفكار، ومن الأفضل قراءتها قبل التقدم باقتراحات. صحيفة الجارديان، مثلا، توضّح في تعليماتها أنها لا تريد مقالات مكتوبة بالكامل سلفا، ولا تريد أن يتقدم الصحفي بأكثر من فكرة في الرسالة الواحدة. لذا من الأجدر قراءة التعليمات سلفا كي لا تضيعي وقتك.

قدمي اقتراحا واضحا ومفصلا لا مجال فيه للغموض أو الأسئلة

تتلقى وسائل الإعلام مئات المقترحات والأفكار شهريا (قناة الجزيرة الدولية تقول إنها تتلقى مئة اقتراح في الأسبوع الواحد). لكي يكون اقتراحك متميزا عن البقية، يجب أن تكون رسالتك مفصلة وأن لا تكون طويلة جدا في نفس الوقت. حدّدي الموضوع أو الزاوية: "الأطفال غير الشرعيين في الأردن" مثلا، عنوان عام، ولكن الاقتراح بالكتابة عن حياة اثنين أو ثلاثة من الشباب والشابات الذين أمضوا حياتهم في الملاجئ لأنهم غير شرعيين، ويواجهون عقبات جمة في الاندماج في المجتمع، هو اقتراح محدد وجذاب. أثبتي لرؤساء التحرير أنك قمت بالبحث (تقصي الحقائق والإحصاءات والخلفيات القانونية وغيرها) وأن لديك المصادر والمقابلات المطلوبة لإعداد التقرير.

لا تنسي أن رؤساء التحرير يريدون أن تكوني مستعدة للبدء بالتقرير فورا وأنه بإمكانك إنهاء العمل ضمن الفترة الزمنية المحددة. أغلب المحررين لن يقوموا بتكليفك بالتقرير بمجرد قراءة الرسالة، وإنما سيعودون بمزيد من الأسئلة ليتأكدوا أن لديك إجابات جاهزة وأن بإمكانك العمل على التقرير فورا لو تطلب الأمر ذلك.

وكما هو الحال بالنسبة للبحث في وسائل الإعلام، فمن الجيد أيضا البحث في أمثلة على الأسلوب الصحيح لتقديم الأفكار والمقترحات. جيسيكا ريد هي من محرري صحيفة الجارديان، وتنشر في مدونتها (باللغة الإنجليزية فقط) أمثلة على المقترحات التي تتلقاها. وتقدم جيسيكا شرحا مفصلا للأسباب التي تمت بناء عليها الموافقة على هذه المقترحات أو رفضها. وستلاحظين أنها لم توافق فورا على أي من هذه المقترحات وإنما طرحت مزيدا من الأسئلة على المراسل. لذا كوني دائما مستعدة للمزيد من الأسئلة.

أثبتي أنك الشخص المناسب وربما الوحيد لإعداد هذا التقرير

الكثير من الصحفيين يخشون من سرقة أفكارهم، فكم من مرة سمعنا عن صحفية تقدمت بفكرة ما إلى وسيلة إعلام، وتم رفضها، لكنها اكتشفت فيما بعد أن شخصا آخر تم تكليفه بهذه الفكرة أو بفكرة مماثلة؟

الحقيقة المرة في قطاع الإعلام هي أنه لا يوجد احتكار على الأفكار. فالفكرة التي تقدمتِ بها قد تلهم رئاسة التحرير القيام بفكرة شبيهة بفكرتك ولكن من زاوية أخرى، أو قد يرى المحررون أنك لست الشخص المناسب للقيام بهذه الفكرة. لذا يجب أن تثبتي في رسالتك أنك الشخص المناسب وأن لديك الخبرة والمعرفة التي يتطلبهما إعداد هذا التقرير، وأن لديك الاتصالات والمصادر الفريدة لذلك. ويفضل أيضا أن تقدمي أمثلة على أعمالك السابقة، وأن تذكري أسماء أشخاص كمراجع مهنية، سواء رؤساء تحرير أو زملاء في العمل، كشهود على مهنيتك ومصداقيتك.

أحيانا، قد يقترح رئيس تحرير تكليف صحفي أو صحفية أخرى للعمل معك على هذه الفكرة. إذا تقدمتِ باقتراح لفيلم وثائقي مثلا ولكن لم تكن لديك الخبرة المطلوبة للإخراج، فقد يقترح رئيس التحرير عليك العمل كمساعدة للمخرج أو كباحثة. كوني منفتحة على اقتراحات كهذه، واعتبريها بمثابة فرصة للتعلم من مخرج أو مخرجة ذات خبرة، كما أن هذه الفرصة قد تفتح لك مزيدا من الفرص في المستقبل.

اقترحي أفكارا مختلفة وفريدة

إذا كان لدى المؤسسة الإعلامية مراسلا أو مراسلة في بلدك، فمن الأفضل أن تتجنبي التقارير أو الشؤون التي يقومون بتغطيتها سلفا. إذا كان عملك الرئيسي كصحفية ينصب في تغطية الأخبار السياسية، حاولي العثور على وسيلة إعلام أخرى تبحث عن قصص جديدة مختلفة عن تلك التي تكتبينها عادة (ربما مقال ثقافي، أو تقرير عن التكنولوجيا، أو القصص الإنسانية).

وإذا كان أغلب المراسلين في بلدك يقترحون تقارير سياسية، كوني الصحفية المتفردة التي تقترح أفكارا مختلفة.