hello world!

أغلب الصحفيات الأعضاء في الشبكة يدركن جيدا أن العمل كصحفية حرة (أو ما يسمى بالإنجليزية "فريلانس" Freelance) له إيجابيات منهما الحرية والقدرة على الاختيار والتحكم بالقصص التي تتم تغطيتها. لكن العمل الحر له أيضا سلبياته من الناحية المادية والصعوبة في الموازنة ما بين متطلبات الجهات الإعلامية المختلفة التي تتعاقد الصحفية معها. العمل في الصحافة الحرة ليس خيارا سهلا ولكن بإمكانك التخطيط بشكل حكيم ومدروس لتحسين فرصك المهنية. 

ديمة حمدان تحدثت إلى صحفيتين تعملان في الصحافة المكتوبة والمرئية للتعر

سهى معايعة

صحفية أردنية مستقلة تعمل في عمّان

صحيفة (ذا ناشونال) الإماراتية، الوول ستريت الجورنال الأمريكية، مجلة فورين بوليسي، مجلة تايم.. وغيرها

عندما درست الأدب الإنجليزي في الأردن، لم أكن أتخيل آنذاك أنني سأصبح صحفية، وكأن الأمر صار بالصدفة. بدأت أولا بالعمل كمعلمة، ولكن كان لدي شغف بالكتابة وكنت أبحث عن عمل يتطلب الكتابة، فبدأت مع صحيفة الجوردان تايمز في التسعينيات.

عملت معهم لعدة أعوام كصحفية مستقلة، وطوّرت خلال تلك الفترة معرفة جيدة بكتابة أخبار الاقتصاد والسياحة والتعليم. وكما هو الحال مع الكثير من الصحفيين الأردنيين آنذاك، فكنت أعمل أحيانا كمساعدة (أو فيكسر fixer) مع طواقم الإعلام الأجنبية. ومن خلال هذا العمل تعرفت على حسن فتّاح، مراسل صحيفة النيويورك تايمز آنذاك، وعملت معه بشكل وثيق. لذا، عندما انتقل بعدها للعمل كرئيس تحرير صحيفة (ذا ناشونال) الإماراتية، والناطقة باللغة الإنجليزية، قرر تعيني كمراسلة الصحيفة في الأردن.

"قررت أن أركز فقط على المقالاتي التي أحب كتابتها. فأنا أحب المقالات المطولة والتحليلات السياسية لأنني أحب أن استغرق وقتا في البحث والدراسة والتحدث إلى الخبراء وإجراء المقابلات لكي أفهم القصة."

كان ذلك بمثابة تحدٍ كبير بالنسبة لي، إذ لم أعد أغطي الأخبار المحلية المتعلقة بالاقتصاد والسياحة. فقاعدة قرائي تغيرت وأصبح لي قراء دوليّون وتعلمت الكثير عن تغطية الأخبار في تلك الفترة. اليوم، أغلب مقالاتي تركز على سوريا وأثر الحرب هناك على الأردن. مقالاتي بشكل عام متنوعة في مواضيعها. هذا المقال مثلا يتناول حياة الأرامل السوريات في الأردن. وأكتب أيضا تحليلات سياسية حول أمور كجهود الأردن في مكافحة الإرهاب.

ولكن، أثناء تغطية أحداث الربيع العربي، قررت العودة إلى العمل كصحفية مستقلة. كان العمل مرهقا للغاية في تلك الفترة، إذ كان مطلوبا مني تغطية الأخبار بشكل يومي حول التطورات في المنطقة بشكل عام. لم أكن أمضي وقتا كافيا مع أسرتي في تلك الفترة ولذا شعرت أن عودتي للعمل بشكل حر ومستقل ستمنحني حرية أكبر في اختيار الأخبار أو القصص التي أرغب بتغطيتها، ووقتا أكثر مع أسرتي لأنها هي الأولوية بالنسبة لي. وبالطبع فإن كتابة عدد أقل من المقالات أدى إلى تدني مدخولي الشهري، ولكنني اتخذت هذا القرار مدركة للسلبيات.

في تلك الفترة قررت أيضا أن أركز فقط على المقالاتي التي أحب كتابتها. فأنا أحب المقالات المطولة والتحليلات السياسية لأنني أحب أن استغرق وقتا في البحث والدراسة والتحدث إلى الخبراء وإجراء المقابلات لكي أفهم القصة. لا أحب كتابة الأخبار القصيرة أو العاجلة، وإن كان ذلك متوقعا مني في بعض الأحيان.

بما أنني مقيمة في الأردن، فلم يكن مطلوبا مني أن أخضع لدورة تدريب في السلامة الميدانية لأن الأردن يعتبر بلدا آمنا بشكل عام. ولم تواجهني أي تحديات تتعلق بالأمن أو السلامة، ولا حتى أثناء زياراتي الميدانية إلى الحدود مع سوريا. فأغلب اللقاءات التي أقوم بها يتم ترتيبها عادة عبر شبكة موثوقة من الوسطاء. لكن التحدي الأكبر بالنسبة لي هو أنني أعمل لوحدي أغلب الوقت، وأنا أفضل أن أقوم بالزيارات الميدانية بصحبة زملاء آخرين، خاصة إذا كنت بحاجة لإجراء مقابلات مع الناس داخل بيوتهم وللمرة الأولى.

أغلب المقالات التي أكتبها حاليا هي لصحيفة (ذا ناشونال) الإماراتية، كما أكتب أحيانا لصحيفة الوول ستريت جورنال. عندما يكون هناك خبر عاجل، يجب عليّ أن أقرر أي صحيفة أكتب لها، وهذا يعني أن الصحف الأخرى ستبحث عن مراسل آخر لتغطية ذلك الخبر، وهناك العديد من الصحفيين المتعطشين لفرصة للكتابة مع تلك الصحف.

نصائح من سهى

  • كوني واقعية: إذا لم يتم نشر مقال أو قصة لك فهذا لا يعني بالضرورة أن المقال كان سيئا. ولذلك يجب أن يكون هناك اتفاق مسبق مع الصحيفة بأن لكِ الحق في البحث عن منبر آخر لنشر ذلك المقال إذا رفضت تلك الصحيفة نشره.

  • هناك منافسة أكثر ومصادر أقل، ولكن لا تدعي ظروف العمل الصعبة تؤثر على مصداقيتك:  أرى الكثير من الصحفيين المستقلين هذه الأيام يختصرون في عملهم الصحفي لأن الجهات التي يعملون معها لا تغطي تكاليفهم، وبالتالي يحاولون الحصول على الخبر من مصادر ثانوية بدلا من إجراء مكالمة هاتفية أو الذهاب في رحلة طويلة لإجراء مقابلة. ولذا أرى الكثير من التقارير غير الدقيقة التي يتم نشرها دون فحص أو تدقيق.

  • حددي أكثر من جهة واحدة للعمل معها: ولكن أعطي الأولوية لواحدة من هذه الصحف أو المؤسسات.

  • اتفقي مع المؤسسة الإعلامية مسبقا على التكاليف التي تقوم بها بتغطيتها (كالمكالمات الهاتفية أو تكاليف السفر) ويجب أن يكون ذلك مذكورا كتابة في عقد العمل.

 

كريستين غارابيديان

مخرجة أفلام وثائقية لبنانية ومحررة مقيمة في لندن

بي بي سي العربية، قناة الجزيرة الإنجليزية

بعد أن تخرجت من جامعة كامبيردج البريطانية، بدأت بالعمل كباحثة متدربة لأفلام وثائقية، وكانت أول مهمة لي مع فيلم وثائقي عن حياة المغنية المصرية الراحلة أسمهان. ومع أنني كنت أتلقى عروضا للعمل على مشاريع بسبب معرفتي بشؤون الشرق الأوسط، إلا أنني كنت أبحث أيضا عن فرص للعمل على مواضيع أخرى، كتاريخ الديانة المسيحية وتاريخ شبكة السكك الحديدية في بريطانيا، وغيرها الكثير.

"هناك مناطق قررت أنني لا أرغب بالسفر إليها كسوريا، وذلك حفاظا على سلامتي الشخصية ولأنني لا أرغب بمجازفة كبيرة كهذه."

وبدأت تدريجيا من الانتقال من العمل كباحثة مبتدئة إلى مجال الإنتاج، وبعدها قررت أن أتعلم كيف أصوّر أفلامي بنفسي. وعندها أصبحت أتلقى فرص عمل كمخرجة مصوّرة. وربما كانت رحلتي إلى قطاع غزة عام ٢٠٠١ من أكثر المهام خطورة لأنني كنت أصوّر في الخطوط الأمامية لوحدي، كما كانت رحلتي إلى اليمن عام ٢٠١٢ خطرة للغاية لأن احتمال التعرض للخطف كان واردا.

كمخرجة أفلام وثائقية، هناك مناطق قررت أنني لا أرغب بالسفر إليها كسوريا، وذلك حفاظا على سلامتي الشخصية ولأنني لا أرغب بمجازفة كبيرة كهذه. ومع أنه من الصعب أحيانا أن يرفض الشخص الذهاب إلى مناطق خطرة، إلا أن قرارات كهذه شخصية بالدرجة الأولى وتعتمد على ظروف المخرج. أرى أن عملي ومسيرتي المهنية لا يعتمدان على الذهاب إلى سوريا لتصوير فيلم، ومن حسن حظي أنه بإمكاني السفر إلى بلاد أخرى والعمل هناك.

صناعة الأفلام مهنة صعبة من الناحية المادية، كما أنها مرهقة، خاصة في بداية المشوار المهني. ولذا من المهم أن تكتسبي المهارات الأساسية اللازمة للحصول على مصادر أخرى للدخل والعمل في وظائف أخرى عندما تكون فرص العمل في الأفلام شحيحة. لا أعتقد أن هناك إجابات سهلة أو وضع مثالي، فيجب على كل مخرجة أن تعثر على الوسيلة الخاصة بها، وذلك يعتمد على شخصيتها ومكان عملها وطبيعة الخبرات التي تتمتع بها.  

هذه الأيام، أعمل بشكل أساسي مع قناة بي بي سي العربية، وأساعدعم بالعثور على أفكار وتكليف مخرجين آخرين بها. ومن خلال عملي مع مخرجات الأفلام الوثائقية اللواتي يطرحن أفكارهن على بي بي سي العربية، أدرك كم أنه من الصعب أحيانا إقناع رؤساء التحرير بالفكرة أو مشروع الفيلم. ولذا من الضروري أن تفهم المخرجة طبيعة المشاريع أو الأفلام التي تهم القنوات الإخبارية، وأن تقنع رؤساء التحرير أن لديها المصادر والاتصالات المطلوبة لإخراج هذا الفيلم.

 

نصائح كريستين (كمخرجة أفلام ومحررة)

  • حافظي على سلامة وضعك المالي: يجب أن تكون لديك خطط احتياطية للعمل في مشاريع أخرى عندما لا تتوفر لديك فرصة لإخراج فيلم.

  • تعلمي الإخراج بأسلوب مهني: بمعنى أنه لا يجب أن تحد المخرجة نفسها في نطاق مواضيع ضيقة. فأنا الآن يمكنني وبسهولة أن أعمل على فيلم وثائقي في اليابان باستخدام المهارات التي اكتسبتها أثناء عملي في الشرق الأوسط. تذكري أن المهنة لا ترتبط فقط بمعلوماتك الثقافية والاجتماعية وإنما تعتمد بالدرجة الأولى على مهاراتك التقنية والإنتاجية في الإخراج.

  • كوني خبيرة درجة أولى بالفكرة التي تنوين إخراجها: تأكدي أنك تعرفين القصة بأدق تفاصيلها. وتذكري أن صناعة الأفلام هي بمثابة تعليم بالتجربة، وبالتالي يجب أن تقبلي عليها بعقلية مفتوحة وقدرة على التحليل والنقد.

  • اعتمدي أسلوب المساءلة في كل ما يتعلق بالقصة. لا تأخذي الأمور أو الحقائق كمسلمات وتأكدي دائما من توثيق أقوالك ومعلومات بأدلة قاطعة: كالوثائق والتسجيلات والحقائق الموثقة وشهادات من أشخاص موثوقين.

  • تأكدي من صحة المعلومات من ثلاثة مصادر موثوقة على الأقل. وتحري كافة مصادرك وتأكدي من مصداقيتهم.

  • تعلمي ممن هم أكثر خبرة منك.

  • حاولي الحصول على معلومات ومصادر حصرية.

  • تعلمي لغة صناعة الأفلام، ويكون ذلك عبر مشاهدة الأفلام (سواء الوثائقية أو السينمائية). هناك الكثير من المصادر المتوفرة عبر الانترنت فاستخدميها.

  • لا تعتمدي فقط على القصص التي تعثرين عليها عبر الانترنت: تحدثي لآخرين لأن أفضل القصص لا يمكن العثور عليها على الانترنت وإنما عن طريق الرحلات الميدانية.

  • تعلمي كافة المهارات المتعلقة بصناعة الأفلام: لا تدعي الأمور التقنية تخيفك وإنما تعلميها عبر الممارسة.

  • كوني مستعدة دوما لحمل المعدات ولا تتركي هذه المسألة للرجال فقط.